الكاتبة والإعلامية آيات الخطيب ، محررة في قناة كربلاء الفضائية : لو وددت الكتابة عمّا شهدت مُقلتاي من مواقف ووقفات أثناء الشعيرة المقدسة ((زيارة الأربعين)) ، لتاه لُبّي وتحيرت ذاكرتي ؛ أيّ القصص تذكر، وأيُّ اللحظات تتذكر، ولكن من جملة ما مر طوال السنوات السابقة ، نسجتُ بعض الصور الذهنيّة المُتشعبة لكثير من الحالات الفريدة إيجاباً وسلباً...
فكان هذا المشي والسعي نحو بوصلة كربلاء (نحر سيد الشهداء) ينمُّ عن واعزٍ متأصلٍ في العروق ، ومتحذرٌ في الأعماق ، ليظهر على هيئة وفاءٍ سنوي، يتجلى في إحدى الصورتين ، زائراً أو خادم.
ولعلّ أشدَّ ما شدّني إلى كتابة هذه الكلمات الفقيرة ، هي غنى الأنفس التي ترآءت لي في درب الحسين ، كم عوائل ومواكب نُصبت بخيراتٍ وبركات عامرة بما لذ وطاب ، وأهلها قد كانوا في ظَنَكٍ وقلةِ حال ، ولكن الله اغناهم بحب الحسين عليه السلام، ولا تدري من أي فيض أرسل لهم كل هذه النعم ليجودوا بها ويؤثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، لم تختلف دهشتي وغبطتي لهذه الفئة السعيدة بحب الحسين دُنياً وآخرة ، عن حَالِ سيدةٍ أخذ العمر منها ما أخذ ، وهي تتكبد العناء بتحضير وجبات الطعام ، والخبز الطازج لزوار أبي عبد الله ، وكأنّ كل الصحة والعافية قد أزهرت في بستان عمرها الخريفي ، تسقيك بعذب حديثها ، وتروي ظمأك بنصائحها الممزوجة بالمحبة ، ثُم تعطيك زوادة الطريق مكللةً بالدعاء والحثّ على مواصلة المسير..
فتزرع في روحك القدرة على توقع ما قد تتلقاه في تكملة مسيرك، أبكمٌ تنطقُ جوارحه لدعوتك على مأدبة بحب الحسين ، وأطفالٌ يتهافتون لسقايتك مما جادت به أياديهم الصغيرة ، تلاهم مُقعَدٌ سارت سريرَتَهُ نحوكَ تُعزز من عزيمتك للدأب والمواصلة ، ثم تسمعُ صوتاً أتعبه الزمن يناديك من بعيد.. (تفضل يا زاير... چاي أبو علي يا زاير) ، إنه شيخ كبير ينتظر قدومك لتحتسي كوباً آخر تضمه إلى قائمة حسناتِ خدام الحسين ، هذا ما رأيتُ في طريق الزيارة ، زيارة الأربعين اقرأ هنا