عن الامام الحسن العسكري (عليه السلام) انه قال، علامات المؤمن خمس: هي الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وتعفر الجبين والتختم باليمين وصلاة احدى وخمسين وزيارة الاربعين. (كتاب تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي ج3 ص 22 )
ولهذا القول وغيره من الاقوال والأحاديث جعل من زيارة اربعين الامام الحسين سلام الله عليه ذات قدسيه وخصوصية عند الكثير من المسلمين ليس من داخل العراق فحسب بل من الدول الإسلامية ولذلك أصبحت لزيارة الأربعين مراسيم خاصة بها من حيث عدد السائرين على الاقدام والذي ميز هذه الزيارة عن غيرها بهذه الشعيرة المباركة، فهي تعد مناسبة لتجديد العهد مع قيم الإمام الحسين من شجاعة، تضحية، وتمسك بالعدالة، ولها بعد روحي واجتماعي عميق حيث يعبر الزوار عن ولائهم للإمام الحسين ويجددون التزامهم بمبادئه. وانطلاقا من اهمية ولوج هذا الموضوع استطلاعا حول المواكب الحسينية عن غيرها من المناسبات والزيارات، التي تتخذ من مختلف أنحاء العالم مكانًا لها، والتي تعد جزءًا أساسيًا من الطقوس والممارسات المرتبطة بهذه الزيارة. يولي الكثير من الباحثين والمفكرين أهمية خاصة لدراسة هذه الظاهرة من جوانب ثقافية، اجتماعية، دينية، وسياسية.
المواكب الحسينية
وهي مجاميع عمل تطوعي في كل مدينة سواء كانت كبيرة ام صغيرة. والقائمين بأدارة المواكب لديهم حب آل البيت (عليهم السلام) والرغبة الطوعية في احياء الشعائر الحسينية. والمواكب الحسينية نشاطها ليس دائمياً ، وانما موسمياً وبالخصوص في شهر محرم الحرام حيث ذكرى واقعة الطف في اليوم العاشر وشهر صفر حيث تمر في العشرين منه ذكرى اربعينية استشهاد الحسين واهله واصحابه (عليهم السلام) ان قسم من هذه المواكب تتكون بشكل مؤقت و تستحدث لها مراكز تجمع مؤقتة وهو ما يسمى بـ التكيات او مواقع الخدمة الخاصة بالموكب .
ويمكن اعتبار الدافع الأول لحركة الموكب الحسيني ، هو عاطفة الحب والولاء لأهل البيت (ع). ويمثل الجمهور الحاضر في الموكب القاعدة الشعبية التي تتجاوب مع المفاهيم الإسلامية الحركيّة التي تتناول أهداف النهضة الحسينية، كخط إسلامي وكتجربة إنسانية فريدة ، بالإضافة إلى تناول القضايا المحلية والعالمية، وصياغة الوعي الاجتماعي وفق منظومة القيم والأخلاق الإسلامية. وقد يقفز أحياناً لطرح قضايا اجتماعية ، واتخاذ مواقف سياسية لشحن وتعبئة الجمهور .
والمشهور تاريخياً أن المواكب الحسينية قد جرى تأسيسها بعد استشهاد الإمام الحسين(ع)، فكان أول مأتم أقيم بكربلاء في الليلة الحادية عشرة من محرم ، مباشرة بعد مقتل الإمام الحسين (ع) ، برعاية الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) (ع) ، وبحضور أهل بيته ونساء أصحابه بكربلاء . وقام الإمام علي بن الحسين (ع) بإلقاء أول خطبة في جماهير الكوفة التي ازدحمت حوله حينذاك، . وبعد ذلك أقيم مأتم بالشام في قصر يزيد بن معاوية عندما جيء بالسبايا إلى مجلس يزيد، فقامت هند بنت عبد الله بن عامر بن كريس، بإقامة المأتم، رغم معارضة زوجها يزيد. وكذلك أقيم مأتم في المدينة المنورة، بمجرد وصول خبر مقتل الحسين(ع) .
وأخذت المآتم تتسع برعاية أئمة أهل البيت(ع) الذين حثوا شيعتهم على إحياء الشعائر بمختلف الوسائل المتعارف عليها.(كتاب اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس)
وقد مرالموكب الحسيني بمراحل تاريخية واجتماعية متعددة ، حتى وصل للحالة التي نشاهدها اليوم . وهو بالطبع بحاجة للتطوير بما يناسب طبيعة الظروف الموضوعية ، وبما يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا وهويتنا الإسلامية ، ومن الضروري أن يكون التغيير والإصلاح شعاراً للتحرك الإيجابي في صفوف المجتمع ، على ضوء فهمنا لأهداف النهضة الحسينية ووعينا بطبيعة المتغيرات المحلية والعالمية.
ويمكن تلخيص أهداف الموكب الحسيني كمعطيات حضارية وغايات إنسانية أفرزتها النهضة الحسينية ، بما لها من آثار إيجابية للإنسان والمجتمع ، بالأهداف التالية:
1- صياغة وعي الإنسان ، كشخصية إسلامية رسالية، وأنموذج أخلاقي قادر على التوفيق بين رؤيته العقائدية الإيمانية وبين ضرورات العصر الحديث.
2- الموكب الحسيني يعتبر مظهراً إعلامياً شعبياً لتكوين رأي عام، ورسالة عالمية لنشر أهداف النهضة الحسينية الخالدة كالعدل والحرية والسلام، وهو أحد صور الخطاب الإعلامي الإسلامي، ولسان صادق للتعبير عن الحالة الاجتماعية والسياسية للأمة.
3- الموكب الحسيني وسيلة لشحن عواطف الأمة وتغذيتها بإرادة الاصلاح والتحديّ أمام الصعوبات ، عبر خطاب تبليغي ذي تأثير معنوي على وجدان وعاطفة الأمة ، من خلال إذكاء مشاعر الرفض للظلم ضد الفساد والطغيان ، وإلهاب عواطف الجماهير وبث روح الوعي والحماس فيها.
4- طرح المفاهيم الإسلامية وتوعية الأمة بحقوقها وحرياتها الأساسية ، عن طريق الوسائل الإعلامية كالمنبر والرثاء الشعري واللطم بالإضافة إلى طبع الكتب والمجلات وغيرها.
5- تحقيق وحدة الكلمة والصفوف بين مختلف الجهات الدينية وتوجهاتها؛ فرسالة الموكب قائمة على نشر الوعي الإسلامي ، بما يحقق الغايات الإنسانية والأهداف النبيلة للفرد والأمة.
6- العمل على إعلاء كلمة الله ، من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة للعدالة الاجتماعية والسياسية ، ولبث روح العدل والمساواة والحرية العالمية.
7- تجسيد مفهوم التضحية والعطاء والبذل من أجل إعلاء كلمة الدين، وحفظ رسالة الإسلام ، وضمان بقاء منهج الاصلاح في حالة استنفار كامل معنوي يوماً بعد يوم، حتى ظهور القائم بالأمر الإمام المنتظر(عج)
8- تحشيد الرأي العام حول مظلومية الامام الحسين ع واهل بيته واستسقاء الصبر ان الظلم لايدوم ولابد من منتقم لاخذ الثأر لما جرى على الحسين ع
9- ضرورة توعية الجماهير بمبادئ النهضة الحسينية وضرورة تقنين الموروث الاجتماعي بما يواكب اظهار مأساة الحسين ع على المستوى العالمي كثورة إصلاحية كبرى وضرورة التوجيه بالابتعاد عن التقنيات الداخلية والايقاعات الغريبة التي تشتت التوجيه العقائدي .
التحديات التي تواجه المواكب الحسينية في زيارة الأربعين
اولاً : التحديات التنظيمية
ثانيا : التحديات الأمنية
ثالثا : تحديات صحية
رابعا : التحديات البيئية
خامسا : التحديات الثقافية والدينية