تعتبر زيارة اربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) من أهم الفترات التأريخية عند محبي اهل البيت ( عليهم السلام) والتي أصبحت نقطة تحول في تاريخ الإسلام لما لها من تأثيرات على شخصية الفرد ، كتأثيرها الهائل على الأخلاق الشخصية والاجتماعية للمشاركين في مسيرة الاربعين لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) واهل بيته الاطهار هم مصدر كل الفضائل و الأخلاق الحسنة والنفس الآمنة وقد سار الامام الحسين (عليه السلام) على نفس اهداف وسيرة الرسول الكريم خلال حياته الكريمة وخاصة خلال مسيرته نحو كربلاء المسيرة التي رافقت دربه خطبه ورسائله في الحكم والعبر والمواعظ الحسنة فكانت النواة التي جعلت من الزيارة اربعينية استشهاد الامام الحسين ( عليه السلام) ذات ابعاد اخلاقية وروحية عظيمة ونستعرض في هذا المقال ابرزها
• تحسين الذات وتطهير النفس
بحسب الروايات فإن المشي لزيارة الامام الحسين (عليه السلام) له أجر عظيم لكن شرط تحقيق تلك الثواب والقيم العظيمة هو توفير الظروف النفسية والروحية ومن أهمها النقاء الداخلي والمثابرة وهي ضد النزعات الجسدية والرذائل الأخلاقية ويسعى زوار أبي عبد الله (عليه السلام) في زيارتهم لاربعينية الامام الحسين البحث عن تلك النماذج الأخلاقية والروحية في كل مشاهد الحياة واختيار أسلوب حياتهم، إن زيارة حضرة أبا عبد الله (عليه السلام) وأبنائه الشهداء وأصحابه الذين هم مظهر من مظاهر نور الله وتجسيد للطهارة والعبودية الخالصة لله ونقاوة الذات تجعل الزائرين يدركون عيوبهم وتمهد لهم طريق العودة والتوبة ولذلك فإن المشي لزيارة حضرة أبا عبد الله (عليه السلام) فرصة جيدة للعودة إلى أصالة الفرد وبوابة لتنميته وتطهير الداخل من كل تلوث ورذائل وتزيينه بالفضائل الأخلاقية والسلوكية.
• السلام العقلي والنفسي
كما هو ثابت في علم النفس إن الذهاب لزيارة القديسين و الاولياء هو في الواقع خطوة للوصول إلى الله فهو يساعد على جعل حياة الإنسان هادفة وموجهة ويخلق نوعا من الثقة والسلام والأمل في قلب وروح الزائر من خلال الاقتداء بسيرتهم فيتوجه المشاركون في أربعينية حضرة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) من كافة أنحاء العالم نحو كربلاء احتراماً لدماء سبط النبي الطاهرة ولمرارة أهل بيته المظلومين ويعبرون بوضوح عن أنهم عندما يكونون في طريق المسيرة بهدف زيارة مرقد الإمام الحسين (عليهم السلام) فإنهم يشعرون بالنور والهدوء دون وعي وهذا من علامات إزالة الذنوب من القلب ونتيجة لهذه العملية نرى أن الزوار قد تحسنوا أخلاقيا وسلوكياً ولذلك فإن مسيرة الأربعين توفر الأساس للنمو الروحي للإنسان وتجعله يصبر على شدائد العصر والآلام التي تأتي عليه وكما هو واضح أن زيارة مرقد الامام الحسين (عليه السلام) بلسم وشفاء للآلام الروحية وتهدئة لقلب الإنسان كما ذكرت في الكثير من الاحاديث الواردة عن اهل البيت ( عليهم الصلاة والسلام) .
• الكرامة والتميز عن الخلق
السير في طريق الامام الحسين (عليه السلام) يؤدي إلى رفعة شخصية الإنسان وكرامته، ومسيرة الأربعين هي شكل من أشكال التعبير عن الذات وإعلان الموقف ضد الأعداء، وتحيي روح طلب العزة ، وتجنب الإذلال لأن أي نوع من الارتباط القلبي والإيماني بتلك الأضواء النقية يجلب إحساساً بالكرامة والقيمة للفرد وإن عدم استطاعة الكيانات والامم والحكومات ذل وقهر أتباع ومحبي أهل البيت (عليهم السلام ) عبر التاريخ هو نتيجة الدروس التي تعلموها من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)التربوية وخاصة من زيارة اربعينية سيد الشهداء والدروس والعبر المستهلمة منها.
•تعليم النفس الصبر والحلم
تصاحب زيارة الأربعين سيراً على الاقدام كل أنواع المشقة والمرارة مثل التعب الجسدي وبثور في القدمين وتشنجات العضلات وحروق الشمس والأرق ونحو ذلك مما يتطلب الصبر للمسير نحو قبلة الاحرار فزيارة الأربعين درس عملي لزيادة الصبر وإن مواجهة مشاق الطريق وتحمل قلة الاسترخاء وتعب الرحلة يجعل الأشخاص الذين كانوا دائما مزدهرين في الحياة ولديهم تسهيلات أكثر ولم يذوقوا طعم المشقة يغيرون موقفهم تجاه الحياة.
• تعليم النفس الكرم والتضامن الاجتماعي والانتماء للجماعة
في دولة الامام المنتظر ( عجل الله فرجه الشريف) لن يكون أحد جائعًا أو بلا مأوى، ولن يكون أحد محتاجاً وسيحاول جميع الناس مساعدة الآخرين بأي طريقة ممكنة وقد روي عن عصر ما بعد الظهور أنه لن يكون هناك محتاجون لأن كل الناس ينفقون أموالهم وقوتهم من أجل خير الآخرين دون تردد وكلاٌ حسب القدرة المالية والاقتصادية والعلمية يساعد الجميع بعضهم البعض وتنتشر الألفة بين الناس وهذا النوع من المعاملة الإنسانية والتضحية والعمل الخيري والأمن يمكن رؤيته حالياً في مسيرة الأربعين الحسيني وتعد المواكب والقوافل الحسينية مثالاً على التضامن والوحدة الاجتماعية وانطلاقاً من هذه يمكن اعتبار مسيرة زيارة الأربعين نموذجاً حياً لصفات للدولة الاجتماعية في عهد مجيء الإمام صاحب العصر زالزمان (عجل الله فرجه الشريف) ، وتمهد للفرد التحلي بهذه بالصفات من الكرم والتضامن الاجتماعي.
زين العابدين العبيدي